سمعت النسوة من وراء الستر كل ما كان يجري ، ما قاله الرسول ، وما قالته الصفوة المؤمنة ، وما قاله عمر وحزبه ، فدهشن من هول ما سمعن ، فقالت النسوة لعمر وحزبه : ( ألا تسمعوا رسول الله يقول قربوا يكتب لكم . . . فصاح بهن عمر إنكن صويحبات يوسف . . فقال الرسول لعمر وحزبه دعوهن فإنهن خير منكم ) ( 1 ) .
الرسول يحسم الموقف رأى الرسول كثرة حزب عمر ، ونوعية رجال ذلك الحزب ، وإصرارهم على فعل أي شئ للحيلولة بين الرسول وبين ما أراد كتابته ، فلو أصر الرسول على كتابة ما أراد كتابته لأصروا على هجر الرسول مع ما يجره هذا الاتهام من خطر على الدين لذلك صرف النظر عن الكتاب مكتفيا بتأكيداته اللفظية السابقة ورد على عمر وحزبه ردا يليق بجلال النبوة فقال لهم : ( دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ، قوموا عني لا ينبغي عندي تنازع ) ( 2 ) .
وهذا ما تمناه عمر وحزبه ، لقد تحققت غايتهم من اقتحامهم لبيت الرسول دون إذن ولا دعوة ، ولم يعد هنالك ما يوجب بقاءهم ، وهكذا كسروا خاطر النبي الشريف ، وقصموا ظهر الدين والأمة معا ، وتركوا النبي يصارع الموت ، تحف بجنابه الأقدس الملائكة الكرام ! !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 243 - 244.
( 2 ) صحيح البخاري كتاب المرض باب قول المريض قوموا عني ج 7 ص 9 ، وصحيح مسلم آخر كتاب الوصية ج 5 ص 75 وج 2 ص 16 وصحيح مسلم بشرح النووي ج 11 ص 94 - 95 ، ومسند أحمد ج 1 ص 355 وج 4 ص 356 ، وصحيح البخاري ج 4 ص 31 ، وتاريخ الطبري ج 2 ص 194 ، والكامل لابن الأثير ج 2 ص 320 ، تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 62 ، وسر العالمين ، وكشف ما في الدارين لأبي حامد الغزالي ص 21 .
أين سنة الرسول و ماذا فعلوا بها ؟ | القسم : مكتبة المُستبصرين