إن من جملة الأسباب التي أدت الى النقمة على عثمان هو الولايات، والولاة الذين كان يختارهم عثمان لإدارتها، وفي الحقيقة فإنّ هذا المطلب يرتبط بشكل من الأشكال بالمطالب السابقة. ألا وهو سوء الإدارة الذي أدى الى اعتراض عدد من كبار الصحابة كابن مسعود وأبي ذر وعمار وغيرهم. ذلك لأن أكثر الذين كانوا سبباً في الفساد المالي والإداري، هم ولاة عثمان أنفسهم، وقد رأينا كيف تصدى أبو ذر لمعاوية الذي جعله عثمان والياً على بلاد الشام كلها، كما وكان اعتراض ابن مسعود على تولية الوليد وتصرفه في بيت المال سبباً في اعتزال ابن مسعود العمل لعثمان، كما سوف نبيّن. لقد ولّى عثمان أقاربه على أهم الولايات وأكثرها غنىً في العالم الإسلامي، فمعاوية على الشام كلها - بعد أن كان على بعضها-، وعبدالله بن سعد بن أبي سرح -أخا عثمان من الرضاعة- على مصر، والوليد بن عقبة على الكوفة، كما اتخذ عثمان مروان بن الحكم بن أبي العاص وزيراً وأغدق عليه الأموال، الى غير ذلك من الاُمور التي أثارت نقمة الناس، ولم يكن لعثمان ما يعتذر به عن ذلك، الاّ إدعاؤه محبته لأقاربه وأرحامه.
ولربما يكون هذا عذراً وجيهاً ومقبولا ويتماشى مع روح الإسلام، لو كان هؤلاء الأقارب ممن يستحقون هذا التكريم لسابقتهم أو فضلهم وتقواهم، أو على الأقل لم يكن هناك مطعن عليهم. لكن من المؤسف أنّنا نجد أن معظم هؤلاء الولاة لم يكونوا يحملون شيئاً من هذه المؤهلات، مما أثار حفيظة معظم الصحابة.
ولقد اتبع عثمان سياسة مغايرة لسياسة سلفيه أبا بكر وعمر اللذان لم يكونا يولّيان من أقاربهما إلاّ عدداً ضئيلا جداً، أو لم يكونا يوليان أحداً منهم بتاتاً، وذلك بالقياس الى العدد الكبير الذي استعمله عثمان من أقاربه وعشيرته، "فمن بين إحدى عشرة ولاية، لم يكن لاُمية سوى ولاية واحدة، ولم يكن لقريش سوى ثلاث ولايات، ولم يكن لعدي - فرع عمر- ولاية واحدة من هذه الولايات"(1).
إلاّ أن ذلك كلّه تغيّر بعد استلام عثمان مهام الخلافة بفترة قصيرة، فبدأ يعزل ولاة عمر - من غير الاُمويين- وكان فيهم بعض الصحابة، كسعد بن أبي وقّاص الذي عزله عثمان عن ولاية الكوفة، وعمرو بن العاص الذي عزله عن ولاية مصر، فقد "كان هناك في عهد عثمان انعكاس تام للأوجه الأساسية في سياسة سلفه العظيم، ذلك انه لم يكتف بعزل الأكفاء الذين ولاّهم عمر على الولايات فحسب، بل إنّه عهد الى تعيينات جديدة إرضاء لمطالب أقاربه"(2).
لقد كان عثمان يحب أفراد عشيرته حقاً، ولكن الحب قد يتحول الى ضعف يؤدّي بدوره الى عواقب وخيمة، وهذا ما حدث فعلا. فقد استسلم عثمان لرغبات أقاربه الذين كانوا يلحّون عليه -فيما يبدو- لتسليطهم على الولايات والأمصار المهمة، مما يتيح لهم التحكم في البلاد واكتساب النفوذ والمال والجاه، وإرضاء لشهوة السلطة عندهم.
وفي الحقيقة فإنّ انبعاث الروح القبلية قد بدأ يتجدد في تلك الفترة، وأصبح التنافس على المفاخر أمراً مألوفاً، خصوصاً عند بني اُمية - الذين تأخر إسلام أكثرهم الى ما بعد فتح مكة - فكان ذلك سبباً في الرغبة لدى هؤلاء لكبح جماح الصحابة الذين كانوا يُدلون بسابقتهم وفضلهم من القبائل الاُخرى ومن بعض المستضعفين والموالي، وكان بنو اُمية يرون اُولئك جميعاً دونهم في الفضل والسؤدد من وجهة النظر القبلية.
(إن بني اُمية وآل أبي مُعيط كانوا يتعجلون الولاية ويحتالون في الوصول إليها، ويلحون على عثمان في أن يمهد لهم إليها الطريقة، وآية ذلك أن عثمان حينما عزل سعداً لم يول على الكوفة أحداً من كبار أصحاب النبي، لا من المهاجرين ولا من الأنصار، لم يرسل إليها طلحة ولا الزبير ولا عبدالرحمان ولا محمد بن مسلمة ولا أبا طلحة، وإنما أرسل إليها الوليد بن عقبة بن أبي معيط)(3).
فمن هو الوليد بن عقبة، وما هي مكانته، وما مقدار كفاءته وورعه حتى يولّيه عثمان مكان سعد بن أبي وقاص؟
الوليد بن عقبة
لابد لنا أن نستعرض أوّلا آراء بعض المؤلفين من القدامى والمعاصرين في الوليد، لننقل مختلف وجهات النظر -كما هو منهجنا- ثم المقارنة بين هذه الآراء على ضوء الأدلة التي نضعها بين يدي القارئ، حتى يتمكن من استخلاص الحقائق منها، مع بيان بعض الدوافع الخاصة لاولئك المؤلفين، بغية الخروج بالحكم النهائي على الأحداث.
قلنا فيما سبق إن المؤلفين الأوائل قد نقلوا إلينا أخباراً متضاربة فيما يتعلق بسير الأحداث التاريخية في تلك الفترة، وقد انقسم المؤلفون فيما بعد الى تيارين، أحدهما تيار محافظ يتشبث بروايات معينة لا يريد تجاوزها الى غيرها، بينما راح آخرون يستعرضون روايات اُخرى قد تختلف أو تتعارض مع روايات الاتجاه الأول.
فممن يمثل الاتجاه الأول المحافظ، القاضي ابن العربي الذي ينبري للدفاع عن الوليد بن عقبة، ويتهم كل من يخالف رأيه بأنّه فاسد النية، إذ يقول:
وأما تولية الوليد بن عقبة، فلأن الناس - على فساد النيّات- أسرعوا الى السيئات قبل الحسنات. فذكر الاسفرائيون أنه إنما ولاّه للمعنى الذي تكلم به.
قال عثمان: ما ولّيته لأنه أخي، وإنما ولّيته لأنه إبن اُم حكيم البيضاء عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتوأمة أبيه...(4).
وقبل الاسترسال في عرض الآراء حول الوليد، فإنّه تستوقفنا بعض عبارات القاضي ابن العربي، فهو يتّهم الناس - لفساد نياتهم- بأنهم يسارعون الى ذكر السيئات قبل الحسنات، ويعبر عن هذه الآراء بعبارة - للمعنى الذي تكلم به- الغامضة.
ولم يذكر ابن العربي أسماء الناس من أصحاب النوايا الفاسدة، فهل هم اُناس عاديون، أم هم جملة من الائمة العلماء الذين ذكروا أخبار الوليد وأدلوا بآرائهم فيه -كما سوف يتبين فيما بعد- فهل كل هؤلاء من أصحاب النوايا الفاسدة؟!
وأما احتجاج ابن العربي، بأن عثمان قد ولّى الوليد لأنه ابن البيضاء عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، -وهذا هو ما ادعاه عثمان- فهو احتجاج شديد التهافت، لأن في الصحابة من هو أكثر قرابة وأمس رحماً بالنبي من الوليد بن عقبة، ولو أننا أعرضنا عن أقارب النبي المقربين، كعلي بن أبي طالب أو ابن عباس أو غيرهما، فالزبير بن العوام كان ابن صفية، وهي عمة النبي (صلى الله عليه وآله) أيضاً، فضلا لما للزبير من فضل على الوليد في الصحبة والسابقة!
أما العذر الآخر الذي يحاول ابن العربي أن يلتمسه لعثمان في تولية الوليد، فهو: ( إن الولاية اجتهاد، وقد عزل عمر بن سعد بن أبي وقاص وقدّم أقل منه درجة )(5).
ولكن عمر بن الخطاب لم يكن ليعزل والياً كسعد بن أبي وقاص، إلاّ أن اشتكى منه أهل الكوفة وطلبوا الى الخليفة عزله عنهم، وكان عمر يراعي مشاعر الناس، فلا يفرض عليهم والياً وهم له كارهون. (وكانت الأمصار في عهد عمر تسخط أحياناً على ولاتها، ولا سيما في العراق، غير أن حنكة عمر وسياسته الصائبة كانت لا تسمح للامتعاض أن يتحول الى فتنة وعصيان، حيث كان الخليفة عمر يسارع الى عزل غير المرغوب فيه من ولاته - الذين كانوا يرهبون جانبه، مهما كانت مكانتهم- بعد التأكد من عدم جدوى بقائهم، ولكن عثمان رغم علمه بسوء تصرف ولاته وموظفيه، أصرّ على بقائهم مما زاد في نقمة الساخطين عليه)(6).
لذا فإن عمر لم يواجه مشكلة كبيرة بهذا الصدد، فضلا عن أنه كان لا يختار أمثال الوليد بن عقبة لإدارة الولايات.
وعند استعراض آراء المؤلفين نجد بعضهم أو معظمهم يكيلون للوليد ابن عقبة من المدائح ما يفوق التصور، ويظهرونه في صورة البطل الاُسطوري صاحب المآثر الخالدة، معتقدين بأن ذلك يمكن أن يكون عذراً وجيهاً يبين صحة موقف الخليفة من توليته للوليد بن عقبة، وإلقاء اللوم كله على الذين ثاروا على هذه التولية، وبالتالي يصبح المسؤول الأول عن سير الأحداث المأساوية التي أدت الى إشعال نار الفتنة، هم الرعية، ولا دخل للسلطة في وقوع شيء من ذلك، ومن الأمثلة على ذلك قول بعضهم: عثمان ما حاد عن الحق في سيرته، ولا فارق الجادة في خلافته، ولا خالف قواعد العدل في سياسته(7).
قلنا: أن الأعذار التي ساقها ابن العربي لتصحيح تولية الوليد بن عقبة، لم تكن مقنعة على الاطلاق، لذا انبرى الشيخ محب الدين الخطيب -كعادته- الى إعطاء تفصيلات أكثر عن الوليد بن عقبة بقوله:
قد يظن من لا يعرف صدر هذه الاُمة، أن أمير المؤمنين عثمان جاء بالوليد بن عقبة من عرض الطريق فولاّه الكوفة. أما الذين أنعم الله عليهم بنعمة الاُنس بأحوال ذلك العصر وأهله، فيعلمون أن دولة الإسلام الاُولى من خلافة أبي بكر، تلقفت هذا الشاب الماضي العزيمة! الرضي الخلق! الصادق الإيمان! فاستعملت مواهبه في سبيل الله، الى أن توفي أبو بكر.
وأول عمل له في خلافة أبي بكر، أنه كان موضع السر في الرسائل الحربية التي دارت بين الخليفة وقائده خالد بن الوليد في وقعة (المذار) مع الفرس سنة (12 هـ)، ثم وجهه مدداً الى قائده عياض بن غنم الفهري.
وفي سنة (13 هـ) كان الوليد يلي لأبي بكر صدقات قضاعة.
ثم لما عزم الصديق على فتح الشام، كان الوليد عنده بمنزلة عمرو بن العاص في الحرمة والثقة والكرامة، فكتب الى عمرو بن العاص والى الوليد ابن عقبة يدعوهما لقيادة فيالق الجهاد، فسار ابن العاص بلواء الإسلام نحو فلسطين، وسار الوليد بن عقبة قائداً الى شرق الأردن.
ثم رأينا الوليد في سنة (15 هـ) أميراً على بلاد بني تغلب وعرب الجزيرة، يحمي ظهور المجاهدين في شمال الشام لئلا يؤتوا من خلفهم، فكانت تحت قيادته ربيعة وتنوخ، مسلمهم وكافرهم.
وانتهز الوليد بن عقبة فرصة ولايته وقيادته على هذه الجبهة التي كانت لا تزال مليئة بنصارى القبائل العربية - فكان مع جهاده الحربي وعمله الإداري- داعياً الى الله، يستعمل جميع أساليب الحكمة والموعظة الحسنة لحمل نصارى أياد وتغلب على أن يكونوا مسلمين كسائر العرب. وهربت منه أياد الى الأناضول وهو تحت حكم البيزنطين، فحمل الوليد خليفة عمر على كتابة كتاب تهديد الى قيصر القسطنطينية بأن يردهم الى حدود الدولة الإسلامية.
وحاولت تغلب أن تتمرد على الوليد في نشر الدعوة الإسلامية بين شبابها وأطفالها، فغضب غضبته المضرية المؤيدة بالإيمان الإسلامي، وقال فيهم كلمته المشهورة:
إذا ما عصبت الرأس مني بمشوذ فغيّك مني تغلب ابنة وائل
وبلغت هذه الكلمة عمر، فخاف أن يبطش قائده الشاب بنصارى تغلب، فيفلت من يده زمامهم، في الوقت الذي يحاربون فيه مع المسلمين حمّية للعروبة، فكف عنهم يد الوليد ونحاه عن منطقتهم.
وبهذا الماضي المجيد، جاء الوليد في خلافة عثمان فتولى الكوفة له، وكان من خير ولاتها عدلا ورفقاً وإحساناً، وكانت جيوشه مدة ولايته على الكوفة تسير في آفاق الشرق فاتحة ظافرة موفقة...(8).
على الرغم من أن المصدر الذي اعتمده الشيخ محب الدين الخطيب، هو تاريخ الطبري برواية سيف بن عمر، فإن الدور الذي قام به الوليد في المراسلات الحربية بين خالد بن الوليد وبين الخليفة أبي بكر ليس بمثل هذا التهويل الذي يوحي به الشيخ الخطيب، فعندما نراجع رواية الطبري - في ذكر حوادث سنة (12 هـ) - نجد ما يلي: ولما انتهى الخبر الى خالد عن قارن، قسّم الفيء على من أفاءه الله عليه، ونفَّل من الخمس ما شاء الله، وبعث ببقيته وبالفتح الى أبي بكر، وبالخبر عن القوم وباجتماعهم الى الثني المغيث المغاث، مع الوليد بن عقبة...(9).
وعلى الرغم من أن سيف بن عمر قد انفرد بذكر دور الوليد بن عقبة في هذه الواقعة - خلافاً لجميع المؤرخين- فإنّ الدور لو صحّ للوليد، لوجدناه دور مراسل حربي مكلف بإيصال رسالة من قائد عسكري الى الخليفة يخبره بسير المعركة ونتائجها، وهو دور قد قام به آلاف المسلمين على مرّ العصور، فلم يستحقوا عليه هذا التكريم الذي يخص به الشيخ الخطيب الوليد بن عقبة.
أما الاعمال الاسطورية التي يذكرها الخطيب للوليد، فهي أيضاً مما انفرد به سيف بن عمر، وخالفه فيها بقية المؤرخين.
وحتى الطبري نفسه، قد أخرج روايات بغير طريق سيف، ليس فيها ذكر للوليد بن عقبة ولا أثر، فقد أخرج عن أبي زيد(10):
أن أبا بكر وجّه بعد خروج يزيد بن أبي سفيان موجهاً الى الشام بأيام، شرحبيل بن حسنة... فسار في سبعة آلاف. ثم أبا عبيدة بن الجراح في سبعة آلاف، فنزل يزيد البلقان. ونزل شرحبيل الاردن -ويقال بصرى- ونزل أبو عبيدة الجابية، ثم أمدهم بعمرو بن العاص، فنزل بغمر العربات.
ثم رغب الناس في الجهاد، فكانوا يأتون المدينة فيوجههم أبو بكر الى الشام، فمنهم من يصير مع أبي عبيدة، ومنهم من يصير مع يزيد، يصير كل قوم مع من أحبوا(11).
كما وروى الطبري عن ابن حميد بسنده: لما قفل أبو بكر من الحج سنة اثنتي عشرة، جهّز الجيوش الى الشام، فبعث عمرو بن العاص قبل فلسطين، فأخذ طريق المعرقة على أيلة، وبعث يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة -وهو أحد الغوث- وأمرهم أن يسلكوا التبوكية على البلقاء من علياء الشام.
كما وروى عن عمر بن شبه أيضاً قال: ثم وجه أبو بكر الجنود الى الشام أول سنة ثلاث عشرة، فأول لواء عقده لواء خالد بن سعيد بن العاص، ثم عزله قبل أن يسير، وولّى يزيد بن أبي سفيان، فكان أول الاُمراء الذين خرجوا الى الشام، وخرجوا في سبعة آلاف(12).
وقال المسعودي: ولما أنفذ أبو بكر الاُمراء الى الشام، كان فيما أوصى به يزيد بن أبي سفيان وهو مشيّع له، فقال له: إذا قدمت على أهل عملك فعدهم الخير وما بعده...(13)
وقال اليعقوبي: ثم نادى في الناس بالخروج، وأميرهم خالد بن سعيد... فحلّ لواءه، ودعا يزيد بن أبي سفيان، وأبا عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، فعقد لهم وقال: إذا اجمعتم فأمير الناس أبو عبيدة(14).
وقال البلاذري: لما فرغ أبو بكر من أمر أهل الردّة، رأى توجيه الجيوش الى الشام، فكتب الى أهل مكة، والطائف، والعين، وجميع العرب بنجد والحجاز يستنفرهم للجهاد ويرغبهم فيه وفي غنائم الروم.
فسارع الناس إليه من بين محتسب وطامع، وأتوا المدينة من كل حدب، فعقد ثلاثة ألوية لثلاثة رجال: خالد بن سعيد بن العاصي بن اُمية، وشرحبيل ابن حسنة حليف بني جمح، وعمرو بن العاص بن وائل السهمي(15).
فنلاحظ أن الروايات - حتى التي أوردها الطبري ولكن بغير طريق سيف -وكذلك في باقي المصادر التاريخية المهمة، لا تذكر الوليد بن عقبة هذا في جملة القادة الذين أرسلهم أبو بكر لفتح الشام أو غيرها، كما ولا نجد شيئاًمن تلك المآثر التي يوردها له الشيخ الخطيب في أية رواية اُخرى ولا في أي مصدر آخر، إلاّ اللهم استعماله على صدقات قضاعة، وهو عمل يمكن أن يقوم به أيُّ شخص.
ولقد نبّه الطبري نفسه القارئ الى مخالفة روايات سيف لبقية الروايات في بعض المواضع -كما في حادثة فتح الأبلة ـ فبعد أن يذكر رواية سيف عنها، يقول: وهذه القصة في أمر الأبلة وفتحها خلاف ما يعرف أهل السير، وخلاف ما جاءت به الآثار الصحاح(16).
وهنا لابد وأن يقف الباحث مستغرباً هذا الدفاع المستميت عن الوليد من قبل بعض المؤلفين الذين يعرضون عن الروايات الاُخرى التي وردت عند الطبري وعند المؤرخين الآخرين، والتي تخالف رواية سيف، وما سرّ دفاع سيف عن الوليد بن عقبة، ومن هم أصحاب النوايا الفاسدة الذين يذكرون سيئات الوليد قبل حسناته الوهمية؟..
________________________
1- الخلافة ونشأة الأحزاب السياسية، محمد عمارة: 96.
2- مختصر تاريخ العرب: 66.
3- الفتنة الكبرى: 288 ضمن المجموعة.
4- العواصم من القواصم: 98.
5- العواصم من القواصم: 100.
6- موجز تاريخ العرب والاسلام، د. حسين قاسم العزيز: 158.
7- تاريخ الدولة العربية. ثابت الراوي: 242.
8- العواصم من القواصم: 98 هامش: 108.
9- تاريخ الطبري 3: 351.
10- هو عمر بن شبَه.
11- تاريخ الطبري 3: 406.
12- الطبري 3: 387.
13- مروج الذهب 3: 44.
14- تاريخ اليعقوبي 2: 133.
15- فتوح البلدان: 115.
16- الطبري 3: 35.
الصحوة (رحلتي الي الثقلين) صباح علي البياتي