فرض المتوكل حصارا ظالما على ال ابي طالب حتى ان الوالي الذي استعمله علي مكة والمدينة ـ وهو عمر بن الفرج الرخجي ـ قد منعهم من الاتصال والارتباط بالناس ومنع الناس من البر بهم ، وبلغ في هذا الاتجاه مبلغا لم يبلغه احد ممن سبقه (1).
قال ابو الفرج الاصفهاني : كان المتوكل شديد الوطاة على ال ابي طالب ، غليظا علي جماعتهم ، مهتما بامورهم ، شديد الغيظ والحقد عليهم وسوء الظن والتهمة لهم ، واتفق له ان عبيدالله بن يحيي بن خاقان وزيره كان يسيء الراي فيهم ، فحسن له القبيح في معاملتهم ، فبلغ فيهم مالم يبلغه
احد من خلفاء بني العباس القبله (2).
وتعرض ال ابي طالب بشكل عام والعلويون بشكل خاص لصنوف الاذى والقسوة في زمان المتوكل ، فتفرق رجالهم في النواحي ، واختفي بعض كبارهم ، وتعرض بعضهم للمطاردة والابعاد او الاعتقال ، او التصفية الجسدية بدس السم وهم سجناء ، و اجبر اخرون علي ارتداء السواد الذي يمثل شعار
الدولة العباسية.
وممن قتل في زمان المتوكل القاسم بن عبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي ، وكان رجلا فاضلا ، وقد حمله عمر بن الفرج الرخجي الي سر من راي ، فامروه بلبس السواد فامتنع ، فلم يزالوا به حتي لبس شيئا يشبه السواد فرضي منه بذلك.
وروي ابو الفرج الاصفهاني عن احمد بن سعيد ، عن يحيي بن الحسن عن ذوب مولاة زينب بنت عبد الله بن الحسين قالت : « اعتل مولاي القاسم بن عبدالله ، فوجه اليه بطبيب يساله عن خبره ، وجهه اليه السلطان، فجس يده، فحين وضع الطبيب يده عليها يبست من غيرعلة ، وجعل وجعها يزيد
عليه حتي قتله، قالت : سمعت اهله يقولون : انه دس اليه السم مع الطبيب » (3).
وتواري احمد بن عيسي بن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام مدة طويلة حتي توفي سنة247هـ، وكان فاضلا عالما مقدما في اهله، معروفا فضله، وقد كتب الحديث وعمر، وكتب عنه، و روي عنه الحسين بن علوان روايات كثيرة، وروي عنه محمد بن المنصور الراوي ونظراؤه.
و تواري ايضا عبدالله بن موسي بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام منذ ايام المامون ومات في ايام المتوكل (4).
و روي ابو الفرج الاصفهاني بالاسناد عن محمد بن سليمان الزينبي قال : « و نعي عبدالله بن موسي الي المتوكل صبح اربع عشرة ليلة من يوم مات ، و نعي له احمد ابن عيسي فاغتبط بوفاتهما وسر ، وكان يخافهما خوفا شديدا ، ويحذر حركتهما لما يعلم من فضلهما واستنصار الشيعة الزيدية بهما
وطاعتهما لهما لو ارادوا الخروج عليه ، فلما ماتا امن و اطمان ، فما لبث بعدهما الا اسبوعا حتي قتل » (5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع : مقاتل الطابيين : 369.
(2) مقاتل الطالبيين : 406
(3) مقاتل الطالبيين : 407
(4) مقاتل الطالبيين : 408
(5) مقاتل الطالبيين : 417.
المصدر: الإمام الحسن العسكري عليه السلام سيرة وتاريخ http://www.alkadhum.org/other/mktba/sira/imam-hassan/index.htm