لقد كان الدينُ الرائج في الحجاز هو الوثنية ، وعبادة الاصنام.
نعم كانت هناك أقليّات دينية يهودية تقطن في يثرب ( المدينة فيما بعد ) وخيبر ، كما انه كان هناك من يتبع المسيحية وهم سكّان نجران ، البلد الحدودي لليمن والحجاز.
وكان الدين الرائج في المناطق الشمالية من الحجاز ( إي الشام حالياً ) هو المسيحية بسبب مجاورة هذه المناطق للروم وخوضعها للسيادة الرومية.
ولو أننا استثنينا من الحجاز هذه المناطق الحساسة الثلاث لما وجدنا في بقية مناطق الحجاز إلاّ الوثنية في أشكال مختلفة ، واعتقادات متنوعة ، اللّهم إلاّ بضع افراد كان عددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد ممن يُسمّون بالاحناف كانوا على دين التوحيد ، وكان عددهم بالنسبة إلى الاكثرية الساحقة من العرب الوثنيين قليلا جدّاً (1).
فمنذ زمن النبي « إبراهيم » الخليل وابنه « اسماعيل » ( عليهما السلام ) دخل التوحيد ، ودخلت بعض التعاليم الأخلاقية والدينية إلى أرض الحجاز ، وكان الحج وأداء مناسكه إحتراماً للكعبة الشريفة هو أحدُ هذه التعاليم والسنن الّتي دخلت مع « الخليل » إلى هذه المنطقة ، ثم إن رجلا من قبيلة « خزاعة » يسمى « عمرو بن لحي » الّذي كانت زعامة مكة قد عهدت إليه ، أدخل عبادة الاوثان في مكة في ما بعد ، وذلك عندما سافر هذا الخزاعي إلى بلاد الشام فوجد قوماً من العمالقة يعكفون على تماثيل جميلة النقش والمنظر يعبدونها ، ويؤلّهونها ، فقال لهم : ما هذه الأصنام الّتي اراكُم تعبدون ؟؟ قالوا له : هذه اصنامٌ نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ، ونستنصرها فتنصرنا ، فقال لهم : أفلا تعطونني منها صنماً فاسير به إلى ارض العرب فيعبدوه ؟؟ فأعطوه صنماً ، وهكذا استحب عملهم ، وجلب معه إلى مكة صنماً جميلُ النقش والنحت يدعى « هُبَل » فنصبه ودعا الناس إلى عبادته ، وتعظيمه.
وهكذا دخلت الوثنية إلى « مكة » المكرمة ، واصبحت عبادة الاوثان والاصنام عبادة رائجة في تلك الديار (2).
واشهر اصنام العرب هي :
1 ـ هبل وكانت أعظم اصنام العرب الّتي في جوف الكعبة.
2 ـ اساف.
3 ـ نائلة وكانت هي واساف على موضع زمزم ينحرون عندهما.
4 ـ اللات وكانت لثقيف بالطائف.
5 ـ العُزّى وكانت بنخلة الشامية ، وكانت لقريش وبني كنانة.
6 ـ منات وكانت للاوس والخزرج ومن ذهب مذهبهم من أهل يثرب.
7 ـ عميانس وكان بأرض خولان يقسمون له من أنعامهم وحروثهم.
8 ـ سعد.
9 ـ ذوالخلصة وكانت لدوس وخثعم وبجيلة.
10 ـ مناف (1).
ولقد كانت هذه هي أشهر أصنام العرب علاوة على الأَصنام الاُخرى غير المعروفة الّتي كانت تختصُّ بطائفة دونَ اُخرى ، أو بعائلة دون عائلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ السيرة النبوية : ج 1 ، ص 122 و 123.
2 ـ السيرة النبوية : ج 1 ، ص 78 ـ 81 ، والعمالقة هم طائفة من العرب عاشوا وسادوا ثمّ بادوا قبل الإسلام.
1 ـ راجع الأصنام للكلبي ، والمحبر : ص 315 ـ 319.
سيد المرسلين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الاستاذ المحقّق الشيخ جعفر السبحاني