در حال بارگذاری؛ صبور باشید
منبع :
پنجشنبه

۸ اردیبهشت ۱۳۹۰

۱۹:۳۰:۰۰
44037

إعلان الدعوة

مرحلة الدعوة العلنية العامة : روى الصدوق في " إكمال الدين " بإسناده عن عبد الله بن علي الحلبي عن الصادق ( عليه السلام ) قال : مكث رسول الله ( صلى الله




مرحلة الدعوة العلنية العامة : روى الصدوق في " إكمال الدين " بإسناده عن عبد الله بن علي الحلبي عن الصادق ( عليه السلام ) قال : مكث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة بعد ما جاءه الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلاث عشرة سنة ، مستخفيا منها ثلاث سنين ، خائفا لا يظهر حتى أمر الله عز وجل أن يصدع بما أمر ، فأظهر حينئذ الدعوة. وروى العياشي في تفسيره عن الحلبي عن الصادق ( عليه السلام ) قال : اكتتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة سنين ليس يظهر ، وعلي معه وخديجة ، ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر ، فظهر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب ، فإذا أتاهم قالوا : كذاب ، امض عنا  . وروى الصدوق في " معاني الأخبار " و " الخصال " بسنده عن أبان بن عثمان الأحمر البجلي الكوفي قال : كان المستهزئون ( برسول الله ) خمسة من قريش : الوليد بن المغيرة المخزومي ، والعاص بن وائل السهمي ، والأسود بن عبد يغوث الزهري ، والأسود بن المطلب ، والحارث بن الطلاطلة الثقفي. ورواه العياشي بزيادة : فلما قال الله تعالى : * ( إنا كفيناك المستهزئين ) * علم رسول الله أنه قد أخزاهم ، فأماتهم الله بشر ميتات. وقال القمي في تفسيره : ان النبوة نزلت على رسول الله يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء ثم أسلمت خديجة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم دخل أبو طالب إلى النبي وهو يصلي وعلي بجنبه ، وكان مع أبي طالب جعفر ، فقال له أبو طالب : صل جناح ابن عمك ، فوقف جعفر على يسار رسول الله ، فبدر رسول الله من بينهما . فكان رسول الله يصلي ، وعلي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة يأتمون به . فلما أتى لذلك ثلاث سنين أنزل الله عليه * ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين ) *. والمستهزئون برسول الله خمسة : الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل السهمي ، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والحرث بن طلاطلة الخزاعي . أما الوليد : فكان رسول الله دعا عليه - لما كان يبلغه من ايذائه واستهزائه - فقال : اللهم أعم بصره واثكله بولده ! فعمي بصره . . . ومر برجل من خزاعة وهو يريش نبالا له فوطأ على بعضها فأصاب عقبه قطعة من ذلك فدميت . فمر برسول الله ومعه جبرئيل فقال جبرئيل : يا محمد ، هذا الوليد بن المغيرة ، وهو من المستهزئين بك ؟ قال : نعم ، فلما مر أشار جبرئيل إلى ذلك الموضع ( من النبل في عقبه ) فرجع الوليد إلى منزله ونام على سريره ، فسال منه الدم حتى صار إلى فراش ابنته ، فانتبهت فقالت : انحل وكاء القربة ! قال الوليد : ما هذا وكاء القربة ولكنه دم أبيك ، فاجمعي لي ولدي وولد أخي فإني ميت . فجمعتهم . فقال لعبد الله بن أبي ربيعة : ان عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيعة ، فخذ كتابا من محمد إلى النجاشي أن يرده ! ثم فاضت نفسه . ومر ربيعة بن الأسود برسول الله ، فأشار جبرئيل إلى بصره فعمي ومات . ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار جبرئيل إلى بطنه فلم يزل يستسقي حتى انشق بطنه . ومر العاص بن وائل فأشار جبرئيل إلى رجليه ، فدخل عود في أخمص قدميه وخرج من ظاهره ومات . ومر به الحارث بن طلاطلة فأشار جبرئيل إلى وجهه ، فخرج إلى جبال تهامة فأصابته من السماء ديم فاستسقى حتى انشق بطنه . فهذا هو قول الله : * ( انا كفيناك المستهزئين ) * . فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقام على الحجر فقال : " يا معشر قريش ،  يا معشر العرب ، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وآمركم بخلع الأنداد والأصنام ، فأجيبوني تملكوا بها العرب وتدين لكم العجم ، وتكونوا ملوكا في الجنة " . فاستهزأوا به وقالوا : جن محمد بن عبد الله . ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب. وظاهر هذا الأخير هو المبادأة بالدعوة العلنية ، بعد ثلاث سنين من نزول النبوة عليه ( صلى الله عليه وآله ) كما صرح به في أول مقاله ، وكما مر في الخبر الأول عن تفسير العياشي عن الصادق ( عليه السلام ) . وأيضا ظاهر الأخير من كلام القمي أن ذلك كان بعد هلاك المستهزئين به لا قبله ، ولكن مقاله خلو من الإجابة على أن هؤلاء المستهزئين بماذا كانوا يستهزئون في مرحلة الكتمان ؟ أما طلب الوليد من عبد الله بن ربيعة أن يأخذ من محمد كتابا إلى النجاشي بأرض الحبشة أن يرد عمارة بن الوليد إلى مكة ، فلا يلازم سابق الإعلان فقط بل يستلزم أن يكون ذلك بعد الهجرة إلى الحبشة واكتشاف ميل النجاشي إلى الدين الجديد ! والقمي في مقاله هذا مر عليه مرور الكرام وكأنه لم يلتفت إلى هذه المفارقة الواضحة ، وكذلك كل من نقل عنه مقاله هذا . أما الطبرسي في تفسيره فقد قال : * ( فاصدع بما تؤمر ) * عن ابن عباس وابن جريج ومجاهد وابن زيد والزجاج : أي أظهر وأعلن وأبن وصرح بما أمرت به غير خائف . وقال الزجاج : والصدع في الزجاج  والجدار بينونة بعضه عن بعض . وعن أبي مسلم : * ( وأعرض عن المشركين ) * أي لا تلتفت إليهم ولا تخف منهم . * ( انا كفيناك المستهزئين ) * أي شر المستهزئين واستهزاءهم بأن أهلكناهم . فعن ابن عباس وابن جبير : أنهم كانوا خمسة نفر من قريش : العاص بن وائل ، والوليد بن المغيرة ، وأبو زمعة الأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والحرث بن قيس . وعن محمد بن ثور : كانوا ستة رهط ، وسادسهم : الحارث بن الطلاطلة . قالوا : أتى جبرئيل النبي ( صلى الله عليه وآله ) والمستهزئون يطوفون بالبيت ، فقام جبرئيل ورسول الله إلى جنبه ، فمر به الوليد بن المغيرة المخزومي فأومى بيده إلى ساقه ، فمر الوليد على قين لخزاعة وهو يجر ثيابه فتعلقت بثوبه شوكة ، فمنعه الكبر أن يخفض رأسه فينزعها ، وجعلت تضرب ساقه فخدشته ، فلم يزل مريضا حتى مات . ومر به العاص بن وائل السهمي فأشار جبرئيل إلى رجله فوطأ العاص على شوكة فدخلت في أخمص رجله فلم يزل يحكها حتى مات . ومر به الأسود بن المطلب بن عبد مناف فأشار إلى عينه فعمي . وقيل : رماه بورقة خضراء فعمي وجعل يضرب رأسه على الجدار حتى هلك . ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستسقى حتى مات . وقيل : أصابته السموم فصار أسود ، فأتى أهله فلم يعرفوه فطردوه فمات . ومر به الحارث بن الطلاطلة فأومى إلى رأسه فامتخط قيحا فمات . وقيل : ان الحرث بن قيس أكل حوتا مالحا فأصابه العطش فما زال يشرب حتى انقد بطنه فمات. ولئن كان الطبرسي صاحب التفسير هذا قد لخص بعض الأخبار عن غير الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) بشأن هؤلاء المستهزئين ، في كتابه هذا " مجمع البيان " تبعا للشيخ الطوسي في كتابه " التبيان " وان كانت رواية ابن عباس فيما رواه مقطوعة عليه دون أن يسندها إلى علي ( عليه السلام ) فإن الطبرسي الآخر صاحب " الاحتجاج " قد روى بشأن المستهزئين خبرا مبسوطا عن الإمام الكاظم عن جده الحسين ( عليه السلام ) فيما أجاب به علي ( عليه السلام ) حبرا يهوديا شاميا جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول الله : أبو معبد الجهني وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس مما يكشف لنا عن مصدر خبر ابن عباس عن ذلك . ولئن كان الخبر في " الاحتجاج " مرسلا مرفوعا فقد رواه الصدوق في كتابيه " معاني الأخبار " و " الخصال " مسندا ، قال : فأما المستهزئون فقال الله عز وجل له : * ( انا كفيناك المستهزئين ) * فقتل الله خمستهم ، قد قتل كل واحد منهم بغير قتلة صاحبهم ، في يوم واحد : أما الوليد بن المغيرة : فإنه مر بنبل لرجل من بني خزاعة قد راشه في الطريق ، فأصابته شظية منه فانقطع أكحله حتى أدماه فمات وهو يقول : قتلني رب محمد .

وأما العاص بن وائل السهمي : فإنه قد خرج في حاجة إلى كداء فتدهده تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول : قتلني رب محمد . وأما الأسود بن عبد يغوث : فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة ومعه غلام له ، فاستظل بشجرة تحت كداء ، فأتاه جبرئيل ( عليه السلام ) فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه : امنع هذا عني : فقال : ما أرى أحدا يصنع بك شيئا الا نفسك ! فقتله وهو يقول : قتلني رب محمد . قال الصدوق : وفي خبر آخر قول آخر : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد دعا عليه أن يعمي الله بصره وأن يثكله ولده ، فلما كان ذلك اليوم جاء حتى صار إلى كداء فأتاه جبرئيل ( عليه السلام ) بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي ، وبقي حتى أثكله الله بولده يوم بدر ثم مات . وأما الحارث بن الطلاطلة : فإنه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال : أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول : قتلني رب محمد . وأما الأسود بن المطلب : فإنه أكل حوتا مالحا فأصابه غلبة العطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه فمات وهو يقول : قتلني رب محمد . وذلك أنهم كانوا بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالوا له : يا محمد ننتظر بك إلى الظهر فإن رجعت عن قولك والا قتلناك ! فدخل النبي منزله فأغلق عليه بابه مغتما بقولهم . فأتاه جبرئيل ( عليه السلام ) ساعة فقال له : يا محمد ، السلام يقرئك السلام وهو يقول : * ( فاصدع بما تؤمر ) * أظهر أمرك لأهل مكة وادع ، * ( وأعرض عن المشركين ) * قال : يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني ؟ قال له : * ( إنا كفيناك المستهزئين ) * قال : يا جبرئيل كانوا عندي الساعة بين يدي ؟ فقال : قد كفيتهم . فأظهر أمره عند ذلك. أما هذا المقطع الأخير من الخبر فهو صريح في أن قوله سبحانه : * ( فاصدع بما تؤمر ) * ليس بداية مرحلة الدعوة العلنية ، بل كان بادئا بها من قبل مواجها ومقابلا بها المشركين ومنهم هؤلاء المستهزئون ، قد بلغت المواجهة بعد الاستهزاء إلى حد التهديد بالقتل إن لم يرجع عن قوله ، وأن قوله سبحانه * ( فاصدع بما تؤمر ) * ليس الا اخبارا برفع المانع بعد وجود المقتضي كما يقولون ، لا ايجادا للمقتضي . فكيف التوفيق ؟ وعلى هذا فمعنى الإعراض عن المشركين هنا هو عدم الاعتناء والاعتداد بتهديدهم . ومعنى قوله * ( فاصدع ) * هو عدم ترتيب الأثر على تهديدهم بدخول الدار وغلق الباب والامتناع عن الدعوة بالرسالة ، وليس البدء بها . وقد مر في خبر الطبرسي : قالوا : أتى جبرئيل النبي ( صلى الله عليه وآله ) والمستهزئون يطوفون بالبيت . . . ولا نجد هذا في خبر الكاظم عن علي ( عليه السلام ) ، ومتى كان ذلك هل قبل نزول الآية أم بعدها ؟ نجد جواب ذلك فيما رواه الراوندي في " الخرائج والجرائح " قال : روي أنه لما نزل * ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين ) * بشر النبي أصحابه : أن الله كفاه أمرهم يعني خمسة نفر ، فأتى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) البيت والقوم في الطواف وجبرئيل عن يمينه . فمر الأسود بن المطلب ، فرمى ( جبرئيل ) بورقة في وجهه خضراء فأعمى الله بصره وأثكله بولده . ومر به الأسود بن عبد يغوث فأومأ إلى بطنه فاستسقى ماء فمات حبنا. ومر به الوليد بن المغيرة فأومأ إلى جرح كان في أسفل رجله فانتقض بذلك فقتله . ومر به العاص بن وائل السهمي فأشار إلى أخمص رجله فخرج على حمار له يريد الطائف فدخلت في ( أخمص رجله ) شوكة فقتلته . ومر به الحارث بن طلاطلة فأومأ إليه فتقيأ قيحا فمات. إذن فإتيان جبرئيل بالرسول إلى البيت ومرور هؤلاء المستهزئين به في طوافهم حول البيت ، وايماء الرسول إليهم بالتعريف وايماء جبرئيل إليهم بالعذاب ، كان بعد نزول جبرئيل عليه بالآيات وتبشيره لأصحابه بها وبهلاك المستهزئين حسب ما جاء فيها . أما ما اختصره الطبرسي في تفسيره عن ابن عباس وابن جبير ومحمد ابن ثور ، فقد نقله ابن شهرآشوب عنهم فقال : كان المستهزئون به جماعة منهم : الوليد بن المغيرة المخزومي ، والأسود بن عبد يغوث الزهري ، وأبو زمعة الأسود بن المطلب ، والعاص بن وائل السهمي ، والحرث بن قيس السهمي ، وعقبة بن أبي معيط وقهيلة بن عامر الفهري ، والأسود بن الحرث ، وأبو أجيحة سعيد بن العاص ، والنضر بن الحرث العبدي ، والحكم بن العاص بن أمية ، وعتبة بن ربيعة ، وطعيمة بن عدي ، والحرث بن عامر بن نوفل ، وأبو البختري العاص بن هاشم بن أسد ، وأبو جهل ، وأبو لهب . وكلهم قد أفناهم الله بأشد نكال . وكانوا قالوا له : يا محمد ننتظر بك إلى الظهر ، فإن رجعت عن قولك والا قتلناك ! فدخل منزله وأغلق عليه بابه ، فأتاه جبرئيل ساعته فقال له : يا محمد ، السلام يقرأ عليك السلام وهو يقول : * ( اصدع بما تؤمر ) * وأنا معك وقد أمرني ربي بطاعتك . فلما أتى البيت رمى الأسود بن المطلب في وجهه بورقة خضراء وقال : اللهم أعم بصره واثكله بولده . فعمي وأثكله الله بولده . وروى : أنه أشار إلى عينه فعمي فكان يضرب رأسه على الجدار حتى هلك . ثم مر به الأسود بن عبد يغوث فأومى إلى بطنه فاستسقى ماء ومات حبنا . ومر به الوليد فأومى إلى جرح اندمل في بطن رجله من نبل فتعلقت به شوكة فنن فخدشت ساقه ولم يزل مريضا حتى مات . ومر به العاص فعابه ، فخرج من بيته فلفحته السموم ، فلما انصرف إلى داره لم يعرفوه فباعدوه فمات غما . وروى أنهم غضبوا عليه فقتلوه . وروى أنه وطأ على شبرقة فدخلت في أخمص رجله فقال : لدغت فلم يزل يحكها حتى مات . ومر به الحارث بن طلاطلة فأومى إلى رأسه فتقيأ قيحا . ويقال : لدغته الحية . ويقال : خرج إلى كداء فتدهده عليه حجر فتقطع . وأما الأسود بن الحارث : فإنه أكل حوتا مالحا فأصابه العطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشقت بطنه . فأما قهيلة بن عامر : فخرج يريد الطائف ففقد ولم يوجد . وأما عيطلة : فإنه اتي بشوك فأصاب عينيه فسالت حدقته على وجهه . وقيل : استسقى فمات . وأما أبو لهب : فإنه ( مات بعد بدر والخبر عن أبي رافع قال ) سأل أبا سفيان عن قصة بدر ( ونحن حضور ) فقال : انا لقيناهم فلقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض لا يقوم لها شئ ، وأيم الله مع ذلك ما مكث الناس ، لقيناهم فمنحناهم أكتافنا فجعلوا يقتلوننا ويأسروننا كيف شاؤوا . ( قال أبو رافع ) فقلت لام الفضل زوجة العباس : تلك الملائكة ( فسمعني أبو لهب ) فجعل يضربني ، فضربت أم الفضل على رأسه بعمود الخيمة ، ففلقت رأسه بشجة منكرة ، ورماه الله بالعدسة ( الطاعونية ) فعاش سبع ليال ( ومات ) وكانت قريش تتقي العدسة ، فتركه ابناه ثلاثا لا يدفنانه ، حتى رمته قريش على جدار بأعلى مكة وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه بها. وروى ابن إسحاق خبر المستهزئين عن عروة بن الزبير قال : كان عظماء المستهزئين خمسة نفر من ذوي الأسنان والشرف في قومهم :

من بني أسد بن عبد العزى ، الأسود بن المطلب . ومن بني زهرة ، الأسود بن عبد يغوث . ومن بني مخزوم ، الوليد بن المغيرة . ومن بني سهم ، العاص بن وائل . ومن بني خزاعة ، الحارث بن الطلاطلة . فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله الاستهزاء ، أنزل الله تعالى عليه * ( فاصدع بما تؤمر ) * وأتى جبرئيل رسول الله وهم يطوفون بالبيت ، فقام وقام رسول الله إلى جنبه ، فمر به الأسود بن عبد المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعمي . ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستقى بطنه فمات حبنا ( أي انتفاخا ) ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله كان قد أصابه قبل ذلك بسنين ، فانتقض به فقتله . ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله فخرج على حمار له يريد الطائف فربض به على شبارقة ( شجرة ) فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته . ومر به الحارث بن الطلاطلة فأشار إلى رأسه فامتخط قيحا فقتله. والخبر السابق نقله ابن شهرآشوب عن تفسير محمد بن ثور وهو عن التابعي سعيد بن جبير وعن ابن عباس مقطوعا عليه ، وانما جاء اسم أبي رافع في أخر الخبر ، ولعله هو الراوي المعاصر الناقل لابن عباس . وقد مر في خبر الصدوق عن الكاظم عن علي ( عليهما السلام ) أن ابن عباس كان حاضرا في المجلس سامعا للخبر عن علي ( عليه السلام ) ، فلعل ما بين الخبرين من خلاف جاء من رواية أبي رافع أو ادخال ابن عباس للخبرين بعضهما في بعض . والمستهزئون في هذا الخبر سبعة عشر رجلا فصل مقتل تسعة منهم وأجمل الباقين ، وآخر المذكورين بالتفصيل أبو لهب مع التصريح بمقتله بعد بدر ، والمومى إليه منهم خمسة فحسب فلعل هذا هو وجه الجمع المعقول بين الخبرين ، ولعله هو وجه اختصار الخبر عند الطبرسي . وإذا استثنينا خبر تفسير القمي بما فيه مما يلازم حدوثه بعد الهجرة إلى الحبشة ، فلا يبقى في سائر الأخبار الا عدم وضوح باعث الاستهزاء في حال اختفاء الدعوة ، مما لم نجد الجواب المقنع عنه ، اللهم الا أن نقول - كما في خبر الصدوق وابن عباس - بأن الصدع بالأمر لم يكن بداية اعلان بل كان عن امتناع وقع للتهديد الأكيد من هؤلاء المستهزئين كما مر ، وهو المتعين الراجح . وقد مر في خبر الراوندي في " الخرائج " والطبرسي في " المجمع " وابن شهرآشوب في " المناقب " عن ابن عباس وابن جبير وتفسير محمد بن ثور : أن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أتى البيت ومعه جبرئيل عن يمينه والقوم في الطواف . فأي طواف كان هذا لهم جميعا بعد تهديدهم إياه ؟ لعلنا نجد جواب هذا فيما رواه ابن هشام عن ابن إسحاق في سيرته : أن نفرا من قريش اجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة - وكان ذا سن فيهم وقد حضر الموسم - فقال لهم : يا معشر قريش ! انه قد حضر هذا الموسم . وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا. لنا من هذا النص التصريح بأن مناسبة عقد هذا المؤتمر بل المؤامرة على الرسول ( صلى الله عليه وآله ) كانت هي حضور موسم الحج أو العمرة ووفود العرب إليهم لذلك وهم قد سمعوا بأمره ( صلى الله عليه وآله ) . وتختلف صورة الخبر لدى القمي في تفسيره قال : كان الوليد بن المغيرة شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب. وكان له مال كثير وحدائق ( في الطائف ) وكان له عشرة بنين بمكة ، وعشرة عبيد عند كل عبد ألف دينار يتجر بها - وتلك هي القنطار في ذلك الزمان - ولذا كان قد قال لقريش : أنا أتوحد بكسوة البيت سنة وعليكم في جماعتكم سنة ، ولذلك سماه الله * ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) *. وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقعد في الحجر فيقرأ القرآن . . . فاجتمعت قريش إلى الوليد فقالوا : يا أبا عبد شمس ، ما هذا الذي يقول محمد ؟ أشعر هو ؟ أم كهانة ؟ أم خطب ؟ فقال : دعوني أسمع كلامه . فدنا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا محمد أنشدني من شعرك ! قال : ما هو شعر ، ولكنه كلام الله الذي ارتضاه لملائكته وأنبيائه . فقال : أتل علي منه شيئا . فقرأ رسول الله * ( حم السجدة ) * فلما بلغ إلى قوله : * ( فان أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ) * اقشعر الوليد وقامت كل شعرة في رأسه ولحيته . ومر إلى بيته ولم يرجع إلى قريش من ذلك . فمشوا إلى أبي جهل ( عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي ) فقالوا له : يا أبا الحكم ، ان أبا عبد شمس قد صبا إلى دين محمد ، أما تراه لم يرجع إلينا ! فغدا أبو جهل إليه فقال له : يا عم ، نكست رؤوسنا وفضحتنا وأشمت بنا عدونا وصبوت إلى دين محمد ؟ ! فقال : ما صبوت إلى دينه ولكني سمعت منه كلاما صعبا تقشعر منه الجلود ! فقال له أبو جهل : أخطب هو ؟ قال : لا ، ان الخطب كلام متصل ، وهذا كلام منثور ولا يشبه بعضه بعضا . قال : أفشعر هو ؟ قال : لا ، أما اني قد سمعت أشعار العرب بسيطها ومد يدها ورملها ورجزها ، وما هو بشعر . قال : فما هو ؟ قال : دعني أفكر فيه ! فلما كان من الغد قالوا : يا أبا عبد شمس ، ما تقول فيما قلناه ؟ قال : قولوا : هو سحر فإنه آخذ بقلوب الناس . فأنزل الله على رسوله في ذلك : * ( ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا انه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا انه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا الا سحر يؤثر إن هذا الا قول البشر سأصليه سقر وما أدراك ما سقر . . . ) * وكان من المستهزئين برسول الله. وعلى هذا فقوله سبحانه : * ( سأصليه سقر ) * و * ( سأرهقه صعودا ) * كان تصعيدا في تهديده وإنذاره قبل تبشير الرسول بكفاية شره بهلاكه والمستهزئين معه بقوله * ( إنا كفيناك المستهزئين ) * وهذا أيضا مما يلازم كون الصدع بأمره قبل هذا بغير قليل ، حتى تكون وفود العرب في الموسم - كما قال الوليد - قد سمعوا بأمره ( صلى الله عليه وآله ) ، فإن الدعوة السرية أو غير العلنية لا يبلغ صداها هذا الحد أبدا ، بحيث يحتار المشركون في كيفية مواجهتهم لهم في الموسم . ولعل الوليد بعد موقفه هذا ونزول هذه الآيات فيه بالتهديد قابل هو وأصحابه النبي بالتهديد الشديد والأكيد لتحديد دعوته دون حضور الموسم ، ثم حضروا طواف الموسم فوسمهم جبرئيل بعذاب الله الشديد في الدنيا قبل الآخرة ، وبذلك كفى رسول الله شرهم وشر استهزائهم له ولرسالته . فانطلق الرسول بخطبته العامة في الموسم على حجر إسماعيل حول البيت في مطاف المسجد الحرام . ومما يؤيد ذلك تعبير الرسول ( صلى الله عليه وآله ) في تلك الخطبة ، إذ هي بالإضافة إلى مخاطبة قريش تحتوي على الخطاب للعرب ، وهو إذا ضم إلى مخاطبة قريش - مثلا - دل على العرب مما عداهم لا هم . 


المصدر: موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي 

 

تماس با هنر اسلامی

نشانی

نشانی دفتر مرکزی
ایران ؛ قم؛ بلوار جمهوری اسلامی، نبش کوچه ۶ ، مجمع جهانی اهل بیت علیهم السلام، طبقه دوم، خبرگزاری ابنا
تلفن دفتر مرکزی : +98 25 32131323
فاکس دفتر مرکزی : +98 25 32131258

شبکه‌های اجتماعی

تماس

تمامی حقوق متعلق به موسسه فرهنگی ابنا الرسول (ص) تهران می‌باشد