إذن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لأصحابه بالهجرة إلى المدينة، قال ابن شهرآشوب: كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يؤمر إلا بالدعاء والصبر على الأذى والصفح عن الجاهل، فطالت قريش على المسلمين، فلما كثر عتوهم أمر بالهجرة فقال (صلى الله عليه وآله): إن الله قد جعل لكم داراً تأمنون بها وإخواناً. فخرجوا أرسالاً، حتى لم يبق مع النبي إلا علي (عليه السلام) وأبو بكر. وقال قبله محمد بن إسحاق: كان رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم - قبل بيعة العقبة لم يؤذن له في الحرب ولم تحلل له الدماء، إنما كان يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على الأذى والصفح عن الجاهل. وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم ونفوهم من بلادهم، فهم بين مفتون في دينه، وبين معذب في أيديهم وبين هارب في البلاد فراراً منهم: منهم مَن بأرض الحبشة، ومنهم مَن بالمدينة، وفي كل وجه. فلما عتت قريش على الله عز وجل وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة، وكذبوا نبيه - صلى الله عليه [ وآله ] وسلم -، وعذبوا ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه، أذن الله عز وجل لرسوله في ( أخذ البيعة ) للقتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم. لما أذن الله تعالى له في ( أخذ البيعة ) للحرب، وبايعه هذا الحي من الأنصار على الاسلام والنصرة له ولمن تبعه وأوى إليهم من المسلمين، أمر رسول الله أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها واللحوق بإخوانهم من الأنصار، وقال لهم: ان الله عز وجل قد جعل لكم إخواناً وداراً تأمنون بها. فخرجوا أرسالاً (جمعا فجمعا). وأقام رسول الله بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة.
المصدر:موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج 1 - ص 717 - 718