كان من المسلمين المهاجرين إلى الحبشة، أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي مع أم سلمة، ومر أن عدداً منهم لما سمعوا باسلام جمع من قريش رجعوا إلى مكة فوجدوا الخبر كاذباً، وأخذهم المشركون ليعذبوهم، فتفرقوا. منهم أبو سلمة. وقال ابن إسحاق في النص السابق: منهم من بأرض الحبشة ومنهم من بالمدينة وفي كل وجه. ويفهم منه أن منهم من هاجر إلى المدينة قبل بدء الهجرة وقبل بيعة العقبة، وصرح به ابن هشام فقال: كان قدم على رسول الله من أرض الحبشة، فلما آذته قريش وبلغه اسلام من أسلم من الأنصار (في اللقاء الأول قبل العقبة الأولى) هاجر إلى المدينة قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة. ثم روى ابن إسحاق عن أبيه عن سلمة بن عبد الله عن أبيه عبد الله ابن عمر عن أمه أم سلمة قالت: لما أجمع أبو سلمة على الخروج إلى المدينة جهز لي بعيره فأركبني ومعي ابني سلمة في حجري، ثم خرج يقود بعيري. فلما رأته رجال بني مخزوم قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، فعلام نتركك تسير بصاحبتك؟! ثم نزعوا خطام البعير من يده فأخذوني منه. وقال رهط أبي سلمة: إذ نزعتموها من صاحبنا فلا نترك ابننا عندها. فتجاذبوا بني سلمة بينهم حتى خلعوا يده وانطلق به رهط أبي سلمة. وحبسني أهلي عندهم. وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة. قال: فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي، سنة أو قريباً منها. حتى مر بي رجل من بني عمي فرأى ما بي فرحمني، فقال لهم: ألا تخرجون هذه المسكينة، فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها؟ فعند ذلك ردوا إلي ابني وقالوا لي: إن شئت فالحقي بزوجك. قالت: فارتحلت بعيري وابني في حجري، وخرجت أريد زوجي بالمدينة وما معي أحد من خلق الله، وانما قلت (في نفسي) : أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم على زوجي . فلما كنت بالتنعيم (على فرسخين من مكة) لقيت عثمان بن طلحة من بني عبد الدار فقال لي: يا بنت أبي أمية إلى أين؟ فقلت: أريد زوجي بالمدينة. قال: أوما معك أحد؟ قلت: لا والله الا الله وابني هذا. فقال: والله مالي أن أتركك، ثم أخذ بخطام البعير فانطلق بي، حتى إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم تأخر عني، حتى إذا نزلت أخذ بعيري فحط عنه ثم قيده في شجرة، ثم تنحى عني إلى شجرة فاضطجع تحتها. فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه ثم تأخر عني وقال: اركبي، فإذا ركبت أتى فأخذ بخطامه فقاده، فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء، قال: زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله. ثم انصرف راجعاً إلى مكة.
المصدر:موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج 1 - ص 718 - 720